في كل مسألة خلافية .. تقع تحتها مسائل خلافية أكبر وأكبر .. وكما ذكرت سابقا عدة مرات .. لا توجد مسألة فقهية أو عقدية في ديننا إلا وفيها خلافٌ معتبر !

حتى الشهادة نفسها .. وأعني هنا "شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله" هل هي كافية لدخول الجنة أم لا .. وهنالك الحديث المشهور عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله سيخلص رجلا من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة فينشر عليه تسعة وتسعين سجلا كل سجل مثل مد البصر ثم يقول: أتنكر من هذا شيئا؟ أظلمك كتبتي الحافظون؟ فيقول: لا يا رب .. فيقول: أفلك عذر؟ فيقول: لا يا رب .. فيقول: بلى إن لك عندنا حسنة فإنه لا ظلم عليك اليوم فتخرج بطاقة فيها أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله فيقول احضر وزنك .. فيقول: يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السجلات؟ فقال: إنك لا تظلم .. قال فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة فطاشت السجلات وثقلت البطاقة فلا يثقل مع اسم الله شيء ))

والحديث الآخر عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((من قال أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، وأن عيسى عبدالله وابن أمَته وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، وأن الجنة حق، وأن النار حق، أدخله الله من أي أبواب الجنة الثمانية شاء))

بل إن البعض ذهب إلى أن الشهادة بواحدانية الله عز وجل فقط هي كافية لدخول الجنة ودليلهم المشهور حديث أبي ذر رضي الله عنه في صحيح مسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (("ما من عبد قال لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة" قلت: وإن زنى وإن سرق؟ قال: "وإن زنى وإن سرق" قلت: وإن زنى وإن سرق؟ قال: "وإن زنى وإن سرق" ثلاثا ثم قال في الرابعة "على رغم أنف أبي ذر" قال فخرج أبو ذر وهو يقول وإن رغم أنف أبي ذر))

وفي حديث الشفاعة الطويل في آخره يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: يا رب ائذن لي فيمن قال لا إله إلا الله، فيقول الله عز وجل: وعزتي وجلالي وكبريائي وعظمتي لأخرجن منها من قال لا إله إلا الله

والحديث الآخر عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((يأتي على الناس زمان لا يعرفون فيه صلاة، ولا صياماً، ولا حجاً، ولا عمرة، إلا الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة يقولون: أدركنا آباءنا وهم يقولون: "لا إله إلا الله")). فقيل لحذيفة بن اليمان: ما تغني عنهم (لا إله إلا الله)؟ فقال: "تنجيهم من النار")

خلاصة الكلام ..

لا تعتقد أبدا أنك على صواب مطلق .. فما من شخص إلا ويخطئ ويصيب ..

ومن كان لا ينطق عن الهوى قد التحق بالرفيق الأعلى فصلى الله عليه وسلم !

وفي كل الأقوال خلاف .. فلا تظنن أنك ناجٍ وحدك ومن سار على نهجك فقط ..

إن الله عز وجل أرحم بعباده من أن يطردهم خارج رحمته بسبب اختلاف أقوال العلماء ..

إن الله عز وجل كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا ينظر إلى أجسامكم، ولا إلى صوركم، ولكن ينظر إلى قلوبكم))

فانظر .. ماذا في قلبك؟

هل أردتَ طاعة الله عز وجل؟

أم أردت أن يقول الناس عنك أنك ملتزم بشرع الله؟

أم أردت انتصارا لرأيك دون الأخذ في الاعتبار صوابه من عدمه؟

أيا ما كان في قلبك .. فإن الله عز وجل يعلمه ..

فانظر .. ماذا في قلبك .. وأحسن ما بينك وبين ربك .. ولا يهمنّك كلام الناس .. !